1 - 1 تواتر حديث الطائفة المنصورة


الفصل الأول: التعريف بأحاديث الطائفة المنصورة

المبحث الأول: تواتر الحديث

رُويتْ أحاديث الطائفة المنصورة عن قرابة (22) صحابيًا، وذهب كثير من العلماء إلى أن تواتر سندها متحقق، والحديث المتواتر[1] مفيد للعلم الضروري، أي لا يحتاج إلى دليل للتثبت منه، ولا يُبحث عن أحوال رواته، فقد قال ابن تيمية: «بل قد تواتر عنه أنه لا تزال طائفة من أمته ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة»[2]، ونصّ على تواتره السيوطي[3]، والزبيدي[4]، والكتّاني[5]، وأشار التويجري في كتابه (إتحاف الجماعة) إلى تواتر حديث النبي ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة)[6]، وقال الألباني: «الحديث صحيح ثابت مستفيض أو متواتر»[7]، وقال أحمد بن الصدّيق الغُماري: «الحديث المذكور صحيح، بل متواتر مفيد للعلم اليقيني بثبوته عن رسول الله »[8].

وقال أبو نعيم الأصفهاني بعد أن ذكر حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله : (لا يزال أهل المغرب ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة): «هذا حديث ثابت مشهور»[9]، وقال القرضاوي: إن الطائفة المنصورة «صحّت بها الأحاديث الكثيرة الوفيرة»[10].

واقتصر الدكتور إبراهيم عبد الله السلقيني، في كتابه (شرح حديث: لا تزال طائفة من أمتي)، على دراسة طرق الحديث في الكتب الستة[11] فقط، وقال إن «التوصل إلى تواتر الحديث حاصل من هذه الكتب، فكيف إن انضم إليها غيرها»[12].

واستخدم السلقيني الرسوم البيانية والرموز للدلالة على الرواة والطرق؛ وبيّن أن عدد الرواة من الصحابة في الكتب الستة (11) راويًا، ومن التابعين وأتباع التابعين ومن تبعهم (83) راويًا، وقال: «نرى أن الحديث رواه في الكتب الستة جمع من تبع الأتباع، عن جمع من أتباع التابعين، عن جمع من التابعين، عن جمع من الصحابة»[13].

حديث الطائفة المنصورة من طريق معاوية في الكتب الستة حسب كتاب السلقيني

رسم توضيحي
1- حديث الطائفة المنصورة من طريق معاوية في الكتب الستة حسب كتاب السلقيني.

وقد عُرف من الصحابة الذين رُوي عنهم حديث الطائفة المنصورة، أو الذين عرف عنهم سماعهم وعلمهم به المغيرة بن شعبة، وجابر بن عبد الله، وجابر بن سمرة، وثوبان بن بجدد، وأبي هريرة، وشرحبيل بن السمط، ومعاوية بن أبي سفيان، ومعاذ بن جبل، وعُقبة بن عامر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسعد بن أبي وقاص، وقٌرّة بن إياس، وعمران بن حصين، وسلمة ابن نفيل، وأبي أمامة الباهلي.

وروي أيضًا عن عمر بن الخطاب، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، ومرة بن كعب البهزي، والنعمان بن بشير، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبي الدرداء.

ومن هؤلاء الصحابة من سكن الحجاز: كعمر، وابنه عبد الله، وأبي هريرة، وسعد، وجابر بن عبد الله، ومن سكن الشام: كمعاذ، ومعاوية، وثوبان، وسلمة، وأبي أمامة، ومرّة، والنعمان، وأبي الدرداء، وابن السمط، ومن سكن الكوفة: كالمغيرة وزيد، والبصرة: كجابر بن سمرة، وأنس، وقرّة، وعمران، والديار المصرية: كعقبة وعبد الله بن عمرو بن العاص[14]. وهذا مما يشير إلى انتشار الحديث.

  



[1] التواتر في اللغة بمعنى التتابع، والحديث المتواتر هو أعلى مراتب الحديث الصحيح، وهو الذي رواه جماعة عن جماعة من ابتداء السند إلى نهايته، فلا يُتوهم توافقهم على الكذب، وله شروط واضحة عند العلماء إذا اختل منها شرط فإنه قد ينزل إلى الحديث المشهور أو غيره من التصنيفات.

[2]ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، تحقيق: ناص بن عبد الكريم العقل، المملكة العربية السعودية، دار إشبيليا للنشر والتوزيع، ط 2، (1419 ه /1998 م)، ص: (1/81)..

↩ عودة

[3]السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتوترة، تحقيق: خليل محيي الدين الميس، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 1، (1405 هـ/ 1985 م)، حديث رقم: (81)، ص: (216).

↩ عودة

[4] الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني، لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، (1405 هـ/ 1985 م)، حديث رقم: (20)، ص: (68).

↩ عودة

[5] الكتّاني، محمد بن جعفر، نظم المتناثر من الحديث المتواتر، مصر، دار الكتب السلفية، ط 2، حديث: (145)، ص: (141).

↩ عودة

[6] التويجري، حمود بن عبد الله، إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة، المملكة العربية السعودية، دار الصميعي للنشر والتوزيع، ط 2، (1414 ه)، ص: (2/68).

↩ عودة

[7] الألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، الرياض، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، (1415 هـ/ 1995 م)، حديث: (270)، ص: (1/540).

↩ عودة

[8] الغماري، أحمد بن الصدّيق، الأجوبة الصارفة لإشكال حديث الطائفة، تعليق: عدنان بن عبد الله زُهَار، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، (1423 هـ/ 2002 م)، ص: (16). والغماري رغم حفظه وعلمه بالحديث إلا أنه حاد وعجيب في آرائه، وقد تجرَّأ في كتابه هذا على معاوية والشاميين، غفر الله له ولنا.

↩ عودة

[9] الأصفهاني، أحمد بن عبد الله، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، (1409 هـ/ 1988 م)، ص: (3/96).

↩ عودة

[10] القرضاوي، يوسف، البدعة في الدين: حقيقتها، وأسبابها، وأقسامها، وآثارها، القاهرة، مكتبة وهبة للطبع والنشر والتوزيع، ط 1، (1434 هـ/ 2012 م)، ص: (193).

↩ عودة

[11] الكتب الستة: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وجامع الترمذي، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة.

↩ عودة

[12] سلقيني، إبراهيم عبد الله، شرح حديث: لا تزال طائفة من أمتي، بيروت - لبنان، دار المقتبس، ط 1، (1435 هـ/ 2014 م)، ص: (7).

والسلقيني حاصل على دكتوراه في الفقه الاجتماعي من جامعة دمشق، ولد في مدينة حلب عام (1397هـ/ 1977م)، وله عدة كتب مطبوعة منها: (قتال الفتنة بين المسلمين: دراسة فقهية مقارنة)، و(الهجرة وأحكامها: دراسة شرعية لواقع الهجرة في العصر الحديث)، و(وسائل الاستعباد في العصر الحديث)، وغيرها.

↩ عودة

[13] المرجع السابق، ص: (14).

↩ عودة

[14] انظر: ابن حبّان، محمد بن أحمد، مشاهير علماء الأمصار، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، (1416 هـ/ 1995 م).

↩ عودة


قد تُعجبك هذه المشاركات:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق