1 - 2 - 2 الروايات المطوَّلة من حديث الطائفة المنصورة


الفصل الأول المبحث الثاني: عينة البحث

المطلب الثاني: الروايات المطوّلة..

وأعرض هنا الروايات المطوَّلة، تتمة للمطلب السابق الروايات الموجزة، وفيها تكرار لبعض الرواة والألفاظ، مع الفوائد والزيادات المفيدة والمهمة.

حديث عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاص[1]

(30): حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثنا عمي عبد الله بن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، حدثني عبد الرحمن بن شماسة المهري قال: كنت عند مَسلَمة بن مُخلَّد، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، هم شر من أهل الجاهلية، لا يدعون الله بشيء إلا ردّه عليهم. فبينما هم على ذلك، أقبل عقبة بن عامر، فقال له مسلمة: يا عقبة، اسمع ما يقول عبد الله. فقال عقبة: هو أعلم، وأما أنا فسمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك». فقال عبد الله: أجل، ثم يبعث الله ريحًا كريح المسك، مسُّها مسّ الحرير، فلا تترك نفْسًا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلّا قبَضَتْه، ثم يبقى شرار الناس، عليهم تقوم الساعة[2].

حديث عمران بن حصين

(31): حدثنا إسماعيل، أخبرنا الجُريري، عن أبي العلاء بن الشخّير، عن مُطرِّف، قال: قال لي عِمران: إني لأحدثك بالحديث اليوم لينفعك الله ﷻ به بعد اليوم، اعلم أن خير عباد الله تبارك وتعالى يوم القيامة الحمّادون، واعلم أنه «لن تزال طائفة من أهل الإسلام يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتلوا الدجّال». واعلم أن رسول الله  قد أعْمَر من أهله في العَشْر، فلم تنزل آيةٌ تنسخ ذلك، ولم ينْهَ عنه رسول الله  حتى مضى لوجهه، ارتأى كل امرئ بعدما شاء الله أن يرتئي[3].

حديث عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص

(32): حدثنا محمد بن بشار وقتادة بن سعد بن قتادة السدوسي، قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي الأسود الديلي[4]، قال: انطلقتُ أنا وزُرعة بن ضَمْرة مع الأشعري إلى عمر بن الخطاب، فلقينا عبد الله بن عمرو، فجلست عن يمينه، وجلس زرعة عن يساره، فقال عبد الله بن عمرو: يوشك ألا يبقى في أرض العجم من العرب إلا قتيل أو أسير يحكم في دمه. فقال له زرعة بن ضمرة: أيظهر المشركون على أهل الإسلام؟ قال: من أنت؟ قال: أنا من بني عامر بن صعصعة. قال: لا تقوم الساعة حتى تتدافع مناكب[5] نساء بني عامر بن صعصعة على ذي الخلصة -وثنٌ كان يسمى في الجاهلية-. فذكرنا لعمر بن الخطاب قول عبد الله بن عمرو فقال عمر بن الخطاب، ثلاث مرار: عبد الله أعلم بما يقول. قال: فخطب عمر بن الخطاب يوم جمعة قال: فقال: إن نبي الله  كان يقول: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، حتى يأتي أمر الله». قال: فذكرنا لعبد الله بن عمرو قول عمر، فقال: صدق نبي الله، إذا جاء ذاك كان الذي قلت[6].

حديث أبي هريرة، وشرحبيل بن السمط، وعبد الله بن عمرو

(33): حدثنا عبد الله بن يوسف، أنا يحيى بن حمزة، حدثني نصر بن علقمة أن عُمير بن الأسود وكَثِير بن مرة الحضرمي، قالا: إن أبا هريرة وابن السمط قالا: لا يزال المسلمون في الأرض حتى تقوم الساعة، وذلك أن رسول الله  قال: «لا تزال من أمتي عصابة قوّامة على أمر الله عز وجل، لا يضرها من خالفها، تقاتل أعداءها، كلما ذهب حرب نشِبَ حربُ قوم آخرين، يَزيغ الله قلوبَ قوم ليرزقهم منه، حتى تأتيهم الساعة كأنها قِطع الليل المظلم، فيفزعون لذلك، حتى يلبسوا له أبدان الدروع»، وقال رسول الله : «هم أهل الشام»، ونكَتَ رسولُ الله  بإصبعِه، يومئُ بها إلى الشام حتى أوجعها[7].

(34): حدثنا الحكم بن نافع، عن جرّاح، عن أَرْطأَة، عمّن حدثه، عن كعب، قال: قال أبو هريرة وعبد الله بن عمرو: ثم يرسل الله بعد يأجوج ومأجوج ريحًا طيبة، فتقبض روح عيسى وأصحابه، وكل مؤمن على وجه الأرض. قال عبد الله بن عمرو: يبقى بقايا الكفار وهم شرار الخلق من الأوّلين والآخرين مئة سنة. وقال أبو هريرة: ليس للكفار بقاء بعد المؤمنين حتى تقوم عليهم الساعة، وذلك لقول رسول الله : «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على الحق، قائمين بأمر الله لا يضرهم خلاف من خالفهم، كلما ذهب حزب نشأ آخرون حتى تقوم الساعة»[8].

حديث ثوبان بن بُجْدَد

(35): حدثنا سليمان بن حرب ومحمد بن عيسى، قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قال: قال رسول الله : “إن الله زوى لي الأرض -أو قال إن ربي زوى لي الأرض-، فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإنّ ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها، وأعطيتُ الكنزين الأحمر والأبيض. وإني سألت ربي لأمتي ألَّايهلكها بسَنَة بعامّة، ولا يسلّط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم. وإن ربي قال لي: يا محمد، إني إذا قضيتُ قضاءً فإنه لا يُرد، ولا أُهلكهم بسنة بعامة، ولا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها -أو قال بأقطارها-، حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضًا، وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وُضع السيف في أمتي لم يُرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق -قال ابن عيسى ظاهرين، ثم اتفقا[9]- لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»[10].

حديث سلمة بن نفيل

(36): أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا مروان -وهو ابن محمد- قال: حدثنا خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن سلمة بن نفيل الكندي قال: كنت جالسًا عند رسول الله ، فقال رجل: يا رسول الله، أذال الناسُ الخيلَ[11]، ووضعوا السلاح، وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحربُ أوزارها، فأقبل رسول الله  بوجهه وقال: «كذبوا، الآن الآن جاء القتال، ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق، ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحَى إليّ أني مقبوض غير مُلبَّث، وأنتم تتّبعوني أفْنادًا[12]، يضرب بعضكم رقاب بعض، وعُقْر دار المؤمنين الشام»[13].

(37): أخبرنا الشيخ أبو المظفر هبة الله بن أَحْمَد بن محمد بن الشبلي ببغداد، أخبرنا محمد بن محمد بن علي الهاشمي أبو نصر، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس المُخلِّص، حدثنا عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز ابن بنت منيع، حدثنا عبد الجبار بن عاصم، حدثني هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة بالرملة، ومسكنه بيت المقدس، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن جُبير بن نفير، عن سلمة بن نفيل الكِندي وكان قومه بعثوه وافدًا إلى رسول الله ، قال: بينما أنا مع رسول الله  تمس ركبتي ركبته، مستقبلَ الشام بوجهه، مُوَلٍّ إلى اليمن ظهرَه، إذ أتاه رجل، فقال: يا رسول الله، أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح، وزعموا أن الحرب قد وضعت أوزارها. فقال رسول الله : «كذبوا، بل الآن جاء القتال، لا تزال فرقة من أمتي يقاتلون على أمر الله، يزيغ الله لهم قلوب أقوام وينصرهم عليهم، حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله، الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إليّ أني مقبوض غير ملبّث فيكم، وأنكم متبعيّ أفنادًا، وعقر دار المؤمنين بالشام»[14].



[1] سيكرّر لعبد الله بن عمرو حديث مشابه مع عمر بن الخطاب وأبي هريرة، سيأتي لاحقًا.

[2] صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب: قوله : (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم)، حديث: (4957)، ص: (858).

↩ عودة 

[3] مسند الإمام أحمد، حديث: (19895)، ص: (33/125). وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

↩ عودة 

[4] الديلي ويقال: الدؤلي، وهو واضع علم النحو في اللغة العربية، وهو من شكّل أحرف المصحف بالنقاط، قبل التشكيل المعروف، توفي في الطاعون سنة (69 هـ).

↩ عودة 

[5] جمع منكب، وهو مجتمع رأْس العضد والكتف، أي: طرف الكتف من جهة اليد.

↩ عودة 

[6] الطبري، محمد بن جرير، تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من الأخبار: مسند عمر بن الخطاب، تحقيق: محمود محمد شاكر، القاهرة، مطبعة المدني، (1983 م). السفر الثاني، (35) ذكر خبر آخر من حديث عمر، ص: (814). وقال شاكر: هذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك ومن هذه الطريق نفسها وقال: «حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، زاد (خ، م) أي البخاري ومسلم...، انتهى. وصحّحه الألباني في كتابه: سلسلة الأحاديث الصحيحة، مرجع سابق، حديث: (1956)، ص: (4/598).

↩ عودة 

[7] البخاري، التاريخ الكبير، مرجع سابق، شرحبيل بن السمط ترجمة رقم: (2691)، ص: (4/248). وانظر: الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، بشرى لأهل الشام المؤمنين، حديث: (3425)، ص: (7/1261).

↩ عودة 

[8] ابن حمّاد، نعيم بن حماد المروزي، كتاب الفتن، تحقيق: عبد الله السيسي، المنصورة - مصر، دار اللؤلؤة للنشر والتوزيع، ط 1، (1439 ه). حديث: (1660-1661)، ص: (2/352-353). وقال محقق الكتاب: موقوف ضعيف.

↩ عودة 

[9] راويا الحديث في السند، وهما سليمان بن حرب ومحمد بن عيسى.

↩ عودة 

[10] أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، مراجعة: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، الرياض، دار السلام للنشر والتوزيع، ط 1، (1420 ه/ 1999 م). كتاب الفتن والملاحم، باب: ذكر الفتن ودلائلها، حديث: (4252)، ص: (596). وصحّحه الألباني في كتابه: صحيح سنن أبي داود، الرياض، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ط 1، (1419 ه/ 1998 م). ص: (3/9).

↩ عودة 

[11] أي أهانوا الخيل وأرسلوها، بأن جعلوها للزراعة بدلًا من الجهاد، ووضعوا عنها أداة الحرب، وكانت العرب تدرب الخيل وتعتني بها لاستخدامها في الحروب.

↩ عودة 

[12] جمع فِنْد، أي جماعات متفرّقين، قومًا بعد قوم.

↩ عودة 

[13] النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي، مراجعة: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، الرياض، دار السلام للنشر والتوزيع، ط 1، (1420 ه/ 1999 م). كتاب الخيل، باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، حديث: (3591)، ص: (503). وصححه الألباني في كتابه: صحيح سنن النسائي، الرياض، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ط 1، (1419 ه/ 1998 م). حديث: (3563)، ص: (2/527). وانظر: الألباني، السلسلة الصحيحة، عقر دار المؤمنين الشام، حديث: (1935)، ص: (4/571).

↩ عودة 

[14] ابن المقرئ، محمد بن عبد الرحمن، الأربعون في الجهاد والمجاهدين، تحقيق: بدر بن عبد الله البدر، بيروت - لبنان، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2، (1415 ه/ 1995 م). الحديث: (14)، ص: (44). وقال محقق الكتاب: وإسناد الحديث صحيح على شرط مسلم.

↩ عودة 

قد تُعجبك هذه المشاركات:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق