المطلب الرابع: السياق الموضوعي للحديث وغرضه..
مع انطلاق مرحلة جديدة من الدعوة إلى الإسلام، والجهاد في سبيل الله، وتشكل طور آخر مختلف عن سابقه يتعدى حدود الجزيرة العربية التي دانت فعليًا للإسلام والمسلمين، كما دلّ عليه حديث إذالة الناس للخيل، وإنكار النبي ﷺ عليهم ذلك.
تأتي تتمة هذه القصة، وانتظام السياق في
قوله ﷺ: «إن ربي زوى[1] لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن مُلك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها»[2].
وفيه إخبار بما لم يقع في زمن النبي ﷺ، وهو بلوغ
حدود الإسلام مشارق الأرض ومغاربها، وانتشاره في هذه النواحي، وقد حدث هذا فعلًا
بالفتوحات «الجهادية» العظيمة التي حققتها الخلافة الإسلامية بعد وفاته ﷺ، ولعل هذا ما يشير إليه قوله ﷺ: (الآن، الآن جاء القتال).
قال ابن العربي على هذا الحديث: (فرأيت
مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها): «ولا سبيل لعموم الملك إلا طريق الجهاد»[3]، وقال في شرحه على سنن الترمذي: «ولست أعلم اليوم بقعة لم يدخلها الإسلام،
إلا ما بين القسطنطينية إلى برشلونة ولا بد من ملكها إما للمهدي وإما لعيسى ﷺ»[4]، وهذه البقعة هي ما نسميها اليوم أوروبا
(الروم)، ولم يكن لروسيا أو أمريكا شيء يذكر في ذلك الزمن.
وهذه الفتوحات والامتداد الحدودي لديار
الإسلام لا يعني أيضًا انتهاء الجهاد ووضع السلاح أمام الأعداء؛ لأن كيد الكائدين
سيربو، وطمع الطامعين سيفشو، وخذلان المخذِّلين سينمو، والحرب كرّ وفرّ، ومدّ
وجزْر، وهذا ما جرى حقًا عبر التاريخ، إذ تلقى المسلمون هجمات «عنيفة» من خارج
دائرته، ولا سيما من تلك البقعة التي أشار إليها أبو بكر بن العربي[5]،
فكان لا بد أن يبقى الجهاد قائمًا لمواجهة هذه التهديدات.
جهاد الطلب وجهاد الدفع، هو ما تدور أحاديث الطائفة المنصورة عليه في الروايات المطوّلة، وأما الروايات الموجزة فتشير بكل وضوح إلى التزام الطائفة بالجهاد والقتال في سبيل الله، والقهر للعدو دون تحديد الظروف والملابسات
ومن هذه النقطة نستطيع التمعن أكثر في رواية
ثوبان بن بجدد رضي الله عنه، وهي بطولها: حدثنا سليمان بن
حرب ومحمد بن عيسى، قالا: حدثنا حماد بن
زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي
أسماء عن ثوبان، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله زوى لي الأرض أو قال إن
ربي زوى لي الأرض، فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها،
وأعطيتُ الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي ألَّايهلكها بسنة
بعامة، ولا يسلّط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم. وإن ربي قال لي: يا
محمد، إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد، ولا أهلكهم بسَنة بعامة[6]،
ولا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين
أقطارها، أو قال بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضًا.
وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وُضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى
يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل
من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم
النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق -قال ابن
عيسى ظاهرين، ثم اتفقا[7]-
لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله».
قال النووي في (المنهاج في شرح صحيح مسلم بن
الحجاج): «قال
العلماء: المراد بالكنزين الذهب والفضة، والمراد كنزي كسرى وقيصر
ملكي العراق والشام»[8]، أي الفرس والروم، وقوله ﷺ: (فيستبيح بيضتهم) أي: «جماعتهم وأصلهم، والبيضة أيضًا العز
والملك»[9].
ويحكي هذا الحديث قصة التدافع: التقدم
والتراجع أو المدّ والجَزْر في حماية ديار الإسلام، والجهاد ضد أعدائه، ويتمثل
المدّ فيما ستبلغه حدود وملك الأمة الإسلامية من الشرق والغرب، ودحر الدولتين
العظمتين في ذلك الوقت، والجزر في حماية بيضة الإسلام، ودياره ولا سيما وسطه
وعاصمته، ومنع العدو من الوصول إلى الحد الذي يأتي فيه عليهم جميعًا.
والكلام عن المد والجزر، والكر الفر، أو كما
يقول الفقهاء جهاد الطلب وجهاد الدفع، هو ما تدور أحاديث الطائفة المنصورة عليه
في الروايات المطوّلة، وأما الروايات الموجزة فتشير بكل وضوح إلى التزام الطائفة
بالجهاد والقتال في سبيل الله، والقهر للعدو دون تحديد الظروف والملابسات.
وانسجام الطرح عن ظهور الفتن، وانتشار الشرك
والكذب، وتغول الأشرار والصراع معهم، جليّ في الروايات المطوّلة من طرق الصحابة:
عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسلمة بن نفيل، وأبي هريرة وشرحبيل بن
السمط.
ويتبيّن أن السياق الموضوعي للحديث يخبر عن
دوام الدين ودوام القائمين عليه عبر العصور، ويطرح مسألة حفظ الدين من جانبين:
الوجود والعدم، كما يقول الأصوليون، فحفظ الدين من حيث وجوده أو إيجاده يكون
بإقامة ما يقيم أركانه ويثبّت قواعده في الأرض كلها، وهذا ينطبق على الفتوحات
الإسلامية كما في قوله: (إن الله زوى لي الأرض...)، وحفظ الدين من حيث العدم أو
انعدامه يكون بصيانته ووقايته والدرء عنه ما يسبب الاختلال الواقع أو المتوقع فيه،
وهذا ينطبق على منع انتشار الشرك والفساد، وعبادة غير الله، والكذب وادعاء النبوة،
ودفع الأعداء عن بيضة الإسلام، كما في قوله: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة
المضلين، وإذا وُضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة
حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان».
ويلخّص الصحابيان أبو هريرة وابن السمط ما
يدور الحديث حوله من دوام الدين ودوام القائمين عليه بقولهما: «لا يزال المسلمون في الأرض حتى تقوم
الساعة»[10]،
وهو الموضوع الذي دار النقاش حوله بين الصحابيان عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو
بن العاص، إذ قال عبد الله حديثًا يخبر فيه أن الساعة تقوم على أشرار الناس في
الأرض، مما أثار الشكوك حول بقاء المسلمين، فذكر عقبةُ حديث الطائفة المنصورة
ليبين لمن في الجلسة أن لديه ما يدل على بقاء الإسلام عزيزًا قويًا إلى قيام
الساعة، ويزيل الخشية التي وقعت في نفوسهم من انعدام الدين في الأرض، وأن المسلمين
لن ينكسروا أمام الأشرار من أعدائهم، بل لا يزالون (يقاتلون على أمر الله
قاهرين لعدوهم).
واتفق الصحابيان -رضي الله عنهما- حسب ما
علماه من أثر رسول الله ﷺ على أن المسلمين باقون على دينهم، ظاهرون
عليه، ومانعون عنه الأعداء إلى قبل يوم القيامة، وآخر علاماتها الكبرى، حين تهب
ريح تقبض أرواح جميع المؤمنين؛ ليبقى شرار الخلق من الكافرين، وعليهم تقوم الساعة.
والحديث عن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال:
كنت عند مسلمة بن مخلد، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله: «لا
تقوم الساعة إلا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا رده
عليهم». فبينما هم على ذلك، أقبل عقبة بن عامر، فقال له مسلمة: يا عقبة، اسمع
ما يقول عبد الله. فقال عقبة: هو أعلم، وأما أنا فسمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون
على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على
ذلك». فقال عبد الله: أجل، ثم يبعث الله ريحًا كريح المسك مسها مس الحرير فلا
تترك نفسًا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس عليهم
تقوم الساعة[11].
وجاء في رواية من طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قصة مشابهة، انظرها في الحديث
رقم (32).
ترتيب السياق
يمكن ترتيب السياق الموضوعي للحديث حسب تسلسل الأحداث والوقائع زمنيًا لقصة
الطائفة المنصورة، ابتداء من حادثة ورود الحديث، وردّ الرسول الكريم على الظانّين
توقف الجهاد والقتال في سبيل الله، ومرورًا بما تلخصه الأحداث لمسيرة الأمة
الإسلامية في عمرها الطويل، وترددها بين القوة والضعف، والنصر والهزيمة، إلى أن
يظهر الدين، ويأتي أمر الله، وقد وضعتُ هذا الترتيب على الشكل والسرد التالي:
وأشير إلى أن هذا السرد ليس أكثر من وسيلة
لفهم مجموع الروايات فهمًا واحدًا متسقًا، ولا يمكن استخدامه إلا ضمن هذا النطاق،
ولا يعتبر ترتيب الوقائع والأحداث فيه أمرًا مجزومًا به، ولم يتضمن مقاطع الحديث
جميعها، بل يقتصر على ما يفي بالغرض، وأشير أيضًا إلى إضافة حرف الواو في بداية
بعض المقاطع بين معكوفين [-]، للعطف والاستئناف، ومساعدة القارئ على القراءة
بسلاسة، والله الموفق.
قال رجل: أذال الناسُ الخيلَ، ووضعوا
السلاح، وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحربُ أوزارها. حديث: (36).
أقبل رسول الله ﷺ بوجهه وقال: «كذبوا، الآن، الآن
جاء القتال. حديث:
(36) وهو يوحَى
إليّ أني مقبوض غير مُلبَّث. حديث: (36) [و]إن ربي زوى لي الأرض، فرأيتُ مشارقها
ومغاربها، وإنّ ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها، وأعطيتُ الكنزين الأحمر والأبيض. حديث: (35).
وأنتم تتّبعوني أفْنادًا، يضرب بعضكم رقاب
بعض (36) وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا
وُضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة. (35)
[و]يوشك ألا يبقى في أرض العجم من العرب إلا
قتيل أو أسير يحكم في دمه (32) تأتيهم
الساعة كأنها قِطع الليل المظلم، فيفزعون لذلك، حتى يلبسوا له أبدان الدروع. (33)
ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي
بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون،
كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي. (35)
وإني سألت ربي لأمتي ألَّا يهلكها بسَنَة
بعامّة، ولا يسلّط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم. وإن ربي قال لي: يا
محمد، إني إذا قضيتُ قضاءً فإنه لا يُرد، ولا أُهلكهم بسنة بعامة، ولا أسلط عليهم عدوًا
من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها -أو قال بأقطارها-،
حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضًا. (35)
[و]لن يبرح هذا الدين قائمًا (10) [و]لا تزال طائفة من أمتي (28) على الحق منصورة (32) قائمة بأمر الله (5) عزيزة (16) يقاتلون على الحق ظاهرين (27) يقذف الله بهم كل مقذف، يقاتلون فضول
الضلالة (28) قاهرين لعدوهم (30) [و]على من يغزوهم قاهرين. (24)
[و]يجاهدون في سبيل الله (20) والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم
القيامة (36) ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم. (36)
وهم كالإناء بين الأكلة (25) لا يبالون خلاف من خالفهم أو خذلان من
خذلهم (27) إلا ما أصابهم من لأواء (23) حتى يقاتلوا الأعور الدجّال (28) وحتى يأتي وعد الله (36) فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال
صلِّ بنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة. (13)
وهم بالشأم (05) ببيت
المقدس، وأكناف بيت المقدس (23) أهل الغرب (14) [و]إذا هلك أهل الشام فلا خير في أمتي (27) وعُقْر دار المؤمنين الشام. (36)
ثم يرسل الله بعد يأجوج ومأجوج ريحًا طيبة، فتقبض روح عيسى وأصحابه، وكل مؤمن على وجه الأرض (34)، ثم يبقى شرار الناس، عليهم تقوم الساعة. (30)
تكمن وظيفة الطائفة المنصورة في العناية بإقامة الدين والمحافظة على كيانه، وثبات أركانه وجودًا وعدمًا، ويَعظُم دورُها في أنها تستمر في هذا الدور التكليفي، في حالة التفرق والضعف في تعطيل الهجوم على الإسلام وبيضته، وإفساد محاولة استئصاله
ويمكن تلخيص هذا السياق في النقاط الآتية:
1. يحث رسول الله ﷺ المسلمين، بإلحاح، على عدم التوقف عن الإعداد للجهاد،
وعدم ترك السلاح وتدريب خيولهم على الحرب ورعايتها، ويخبرهم بأن القتال في سبيل
الله قد بدأ الآن من حينه، رغم اقتراب ساعة موته، ويدعو إلى مواجهة الدولتين
العظمتين الظالمتين: الروم والفرس، ونشر العدل والحق الذي جاء به الإسلام في مشارق
الأرض ومغاربها، إذ أخبر أن ملك المسلمين سيبلغ هذه الأماكن.
2. يخبرهم بأنه سيتلو سنوات
القوة هذه، والانتشار في أرض العجم: الروم والفرس، سنوات أخرى مظلمة، تتصف بالضعف،
واستعار الفتن، وظهور الشرك بالله والأئمة المضلين والكذب وادعاء النبوة، وتفرق
كلمة المسلمين، واقتتالهم فيما بينهم، وأن ذلك سيطول، وسيقع العرب في مقتلة عظيمة.
3. يطمئن الرسول الكريم
المسلمين، بأنه دعا الله ﷻ، رحمة ورأفة
بهم، بألَّا تتفاقم الأمور، فيهلكهم الله بقحط يعمّهم جميعًا بسبب ذنوبهم، وألَّا
يسلّط عليهم عدوًا خارجيًا فيستبيح ديارهم وأصلهم، وينزع عزهم وملكهم، وقد استجاب
الله له ذلك، ولو اجتمع عليهم الأعداء من كل الأرض، ولكن هلاكهم أو نجاتهم سيكون
حسب أفعالهم، وسيكون نتاج تفرق كلمتهم أو وحدتهم، ويحذّر رسول الله ﷺ المسلمين من التفرق، وألَّا يقتتلوا فيُهلِك بعضهم بعضًا،
ويسبي بعضهم بعضًا.
4. يبشر رسول الله ﷺ أمته بأن الإسلام سيبقى قائمًا رغم الفتن على مر
العصور، ويؤكد لهم استمرار وجود مجموعة منهم، ينصرها الله ويُعِينها لتمسكها
بالحق، وقيامها على دين الله وأمره خير القيام، فيستعملهم الله في قتال أولئك
الأعداء الغازين، والجهاد في سبيله، فيظهرهم عليهم، ويعزهم، فيقهرونهم ويغلبونهم،
ويبين رسول الله ﷺ أن خير
الأمة ونجاتها مرتبط باستمرار قيادة الخيول والفروسية، إشارة لأهمية الجهاد في
سبيل الله.
5. كما يبين رسول الله ﷺ أن هذه المجموعة، لن تتوقف عن القيام بواجبات الدين،
والتمسك بالحق، والجهاد في سبيل الله حتى تحين أشراط الساعة الكبرى، ولن تبالي بمن
خالفها أو ترك صفها، ومن خذلها أو امتنع عن دعمها، ومهما اشتد الأمر عليها فأصبحت
مثل إناء الطعام بين الأكلة، فإنها لن تتراجع، ولن تصاب بأذى كبير إلا ما يصيب
الناس من اللأواء.
حتى إنها ستقاتل الأعور الدجّال في آخر الزمان، فيُنزل
الله ﷻ المسيح عيسى
ابن مريم ﷺ فيقودها في
جهادها، وفي آخر حروبها وانتصاراتها.
6. ويكشف رسول الله ﷺ عن مكان تواجد هذه المجموعة المنصورة، وأنهم في المسجد
الأقصى وما حوله من الديار الشامية، مقر المؤمنين ووسط دارهم.
ويخبر أن
نهاية المسلمين لا تكون إلا بعد انتهاء أشراط الساعة جميعها، وآخرها إرسال ريح
طيبة تقبض أرواح المؤمنين الطاهرة، ويبقى شرار الناس أحياء، لتقوم عليهم الساعة
بعذابها ووقوعها الشديد.
غرض الحديث
تكمن وظيفة الطائفة المنصورة في العناية بإقامة الدين والمحافظة على كيانه،
وثبات أركانه وجودًا وعدمًا، ويَعظُم دورُها في أنها تستمر في هذا الدور التكليفي
الواقع أصلًا على جميع الأمة، في حالة التفرق والضعف في تعطيل الهجوم على الإسلام
وبيضته، وإفساد محاولة استئصاله، وهنا يبرز غرض الحديث في حث الأمة جميعًا على
القيام بالدور التكليفي في نشر الدين وحفظه، والاستعداد والتهيؤ للواجب الجهادي،
وعدم الركون في أي وقت وتحت أي ظرف، فالأمة معنية ببذل ما تستطيع من أجل الانضمام
إلى ركب هذه الطائفة، والوقوف في صفها، ودعمها وتقديم العون لها، والسير على
طريقها ومنهجها.
[3] ابن العربي، محمد بن عبد الله، القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، تحقيق: محمد عبد الله ولد كريم، بيروت - لبنان، دار الغرب الإسلامي، ط 1، (1992 م). ص: (2/586).
[4] ابن العربي، محمد بن عبد الله، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، تحقيق: جمال مرعشلي، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، (1418 هـ/ 1997 م). كتاب الفتن، باب: ما جاء في سؤال النبي ﷺ ثلاثًا في أمته، ص: (9/18).
[5] لقد شكلت الطائفة المنصورة على مر تاريخها عقبة كؤودًا وحجر عثرة أمام المحاولات المتكررة للتوسع «الاستعماري» النابع من شجع حكام الروم، والروم هم مجموع القوميات التي تسكن أوروبا، غربيها وشرقيها.
[8] النووي، يحيى بن شرف، صحيح مسلم بشرح النووي، مؤسسة قرطبة، ط 2، (1414 هـ/ 1994 م). كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، ص: (18/19).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق