المطلب الثالث: الروايات المرسَلة..
وأعرض هنا ثلاث روايات مرسلة[1] لبعض التابعين، بعدما عرضتُ الروايات الموجزة والروايات المطوَّلة من طريق بعض الصحابة في المطلبين الأول والثاني من هذا المبحث.
محمد بن كعب القرظي
(38): حدثنا سعيد، قال: نا عبد العزيز بن
محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن محمد بن كعب قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تبرح عصابة من أمتي ظاهرين على الحق،
لا يبالون من خالفهم، حتى يخرج المسيح الدجال، فيقاتلونه»[2].
الحسن البصري
(39): حدثنا محمد بن أبي محمد المري، قال:
حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن
سلام، عن عمار الدهني، عن جسر المصيصي، عن الحسن قال: قال رسول الله ﷺ: «بُني الإسلام على ثلاثة: الجهاد ماضٍ منذ بعث الله نبيَّه إلى
آخر فئة من المسلمين، تكون هي التي تقاتل الدجال، لا ينقضه جور من جار، والكف عن أهل لا إله
إلا الله أن تكفروهم بذنب، والمقادير خيرها وشرها من الله»[3].
الربيع بن أنس
(40): حدثنا علي بن الحسين، ثنا محمد بن أبي حماد، ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس في قوله: ﴿وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَاۤ أُمَّةࣱ یَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ یَعۡدِلُونَ﴾ (الأعراف: 181)، قال: قال النبي ﷺ: «إن من أمتي قومًا على الحق، حتى ينزل عيسى ابن مريم متى أُنزل»[4].
هذه بعض أحاديث الطائفة المنصورة، وهي قوية الألفاظ والدلالات، ويؤيدها ثلاث آيات كريمات في سورة التوبة آية (33)، والفتح (28)، والصف (9)، وذلك في قوله: ﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ التوبة: 33)، وقوله: ﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدࣰا﴾ (الفتح: 28)، وقوله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ (الصف: 9). وأحاديث الطائفة المنصورة تبين وتفسّر كثيرًا ممّا ورد في هذه الآيات الكريمات[5]، وأما الآيات فتزيد الأحاديث متانة وقوة إلى جانب سندها القوي، وخبرها المقطوع بصحته عن رسول الله ﷺ.
[1] والحديث المرسَل هو ما يرويه التابعيّ عن رسول الله ﷺ من قول أو فعل أو تقرير، كأن يقول التابعي: قال رسول الله ﷺ دون ذكر الصحابي الذي أخذ عنه. ويصنف المرسل ضمن أقسام الحديث الضعيف، شأنه في ذلك شأن أي حديث في سنده انقطاع، أي: غير متصل الرواة. فيلزم أن يكون رواة الحديث متتابعين، وألَّا يسقط منهم حلقة أو أكثر لأي سبب كان. وإذا قوي الضعيف، فإنما يكون بشواهد وطرق أخرى ثابتة عن رسول الله ﷺ.
[2] سعيد بن منصور، سنن سعيد بن منصور، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية. كتاب الجهاد، باب: من قال الجهاد ماضٍ، حديث: (2376)، ص: (2/145). وقال سلمان العودة في صفة الغرباء، مرجع سابق، ص: (165): هذا مرسل حسن، ويعتضد بالأحاديث السابقة، وأقربها إلى لفظه حديث عمران ابن حصين رضي الله عنه.
[3] الداني، أبو عمرو عثمان بن سعيد، السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها، تحقيق: رضاء الله بن محمد المباركفوري، الرياض، دار العاصمة للنشر والتوزيع، ط1، (1995 م). باب: قول النبي ﷺ: لا تزال طائفة من أمتي، حديث: (370)، ص: (3/750). وقال محقق الكتاب: إسناده ضعيف. ثم ذكر المباركفوري طريقًا أخرى للحديث، وقال: إذا انضم هذا الطريق إلى طريق الحسن يتقوى الحديث ويرتفع عنه الضعف، ولا سيما يوجد لكل ما جاء فيه شواهد من أحاديث مستقلة.
[4] ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، سورة الأعراف، الآية (181)، حديث: (8589)، ص: (5/1623).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق